للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرجز، قال تعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (١): وهي الأصنام والأوثان.

وهذان الاتجاهان يدلان على أن استخفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة يقوم على ركيزة مهمة وهي ألا يلفت الأنظار إلى الدعوة، وألا يؤجج الخصوم ضدها، ولهذا انتهج مسلك الدعوة الفردية الذي كان الخيار الممكن له - صلى الله عليه وسلم - في ظل الأوضاع والظروف التي سادت مكة آنذاك. حيث مبناها على الاتصال القوي بين الداعي والمدعو، ومما يشير إلى ذلك اتصال النبي - صلى الله عليه وسلم - بأفراد من المدعوين الذين كانوا يقصدونه في دار الأرقم وقد مر ذكرهم، أو من كان يقصدهم هو - صلى الله عليه وسلم - «كخباب بن الأرت - رضي الله عنه - الذي كان قينا يطبع السيوف، ففي الخبر أن رسول - صلى الله عليه وسلم - كان يألفه ويأتيه ... (٢)».

وهي مهمة شاقة بحاجة إلى دقة في التعامل مع النفوس وصبر والتزام كبيرين ولا يقوم بحقها إلا من يسر الله له وفتح عليه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بها بنفسه في تلك المرحلة قدر استطاعته من خلال وسيلتين، وهما:


(١) سورة المدثر الآية ٥
(٢) فأخبرت مولاة خباب بذلك، فكانت تأخذ الحديدة المحماة فتضعها على رأسه، فشكا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اللهم انصر خبابا"، فاشتكت مولاته أم أنمار رأسها، فكانت تعوي مثل الكلاب، فقيل لها: اكتوي، فكان خباب يأخذ الحديدة المحماة فيكوي بها رأسها.