أي: إن مدلول الاستخفاء في الدعوة حسب هذا المفهوم هو الاستخفاء بشعائر العبادة فقط، أي لا استخفاء في الدعوة نفسها.
الاتجاه الثالث: يتمثل فيما ذكره صاحب كتاب (الدولة الإسلامية) فقد جاء فيه ما نصه: "كان أمر الدعوة الإسلامية ظاهرا من أول يوم بعث به - صلى الله عليه وسلم - وكان في مكة يعرفون أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - يدعو لدين جديد، ويعرفون أنه أسلم معه كثيرون، ويعرفون أن محمدا يكتل أصحابه، ويسهر عليهم ويعرفون أن المسلمين يستخفون عن الناس في تكتلهم، وفي اعتناقهم الدين الجديد، وكانت هذه المعرفة تشعر أن الناس كانوا يحسون بالدعوة الجديدة، ويحسون بوجود مؤمنين بها، وإن كانوا لا يعرفون أين يجتمعون، ومن هم هؤلاء الذين يجتمعون من المؤمنين".
أي: إن مدلول الاستخفاء في الدعوة حسب هذا المفهوم هو إخفاء المدعوين ممن استجابوا للدعوة، وإخفاء المكان والزمان اللذين يجتمع فيهما المدعوون، مع الحرص في الوقت نفسه على إظهار الدعوة إلى الدين على الملأ.
الفرع الثاني: مناقشة الآراء السابقة:
تناولت الاتجاهات آنفة الذكر استخفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة في محاولة لوضع إطار عام يتحدد من خلال مفهوم الاستخفاء وينحصر فيه، وفي نظري أن الاتجاه الأول الذي مفاده أن استخفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتمل على سرية