للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ولأجل هذه الغاية قام أبو بكر بعد استجابته بدعوة معارفه إلى الإسلام، وكان رجلا مآلفا محببا سهلا ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه؛ لعلمه وتجارته وحسن مجالسته، فجعل يدعو من يثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم بدعوته عدد من الرعيل الأول وطليعة الإسلام، خمسة من العشرة المبشرين بالجنة، وهم: عثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وزاد بعضهم سادسا وهو أبو عبيدة بن الجراح (١).

الفرع الثاني: ميدان الدعوة:

ومن السمات الخاصة لمرحلة الاستخفاء التي تتصل بأسس الدعوة ما ينم عنه ميدان الدعوة (دار الأرقم) الذي اتخذه - صلى الله عليه وسلم - حينما تعرض عدد ممن استجابوا له للأذى، حيث بقي هذا الميدان الدعوي في الخفاء طيلة تلك المرحلة، ومما يدل على ذلك ثلاثة مواقف:

الأول: موقف علي مع أبي ذر رضي الله عنهما حين أراد أخذه إلى دار الأرقم لمقابلة النبي - صلى الله عليه وسلم - والمتضمن إخباره بعدد من الاحتياطيات التي توحي بسرية المكان آنذاك وهو ما يشير إليه قوله: "هذا وجهي إليه فاتبعني، ادخل حيث أدخل، فإني إن رأيت أحدا أخافه عليك قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي، وامض .. " (٢).


(١) انظر: السيرة الحلبية ١/ ٤٤٩.
(٢) سبق تخريجه.