للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- الدعوة اتسمت بالعالمية فيما يتعلق بالمدعوين: كما أن رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ انطلاقتها في هذه المرحلة إلى ختامها اتسمت أيضا بخاصية العالمية على قدر الوسع، ففي مكة كانت الدعوة تسير بتؤدة وبخطى واثقة، كما كان يتطلع - صلى الله عليه وسلم - في تلك المرحلة إلى نشر الدعوة في خارج مكة وبدا هذا واضحا في قصة إسلام أبي ذر بقوله «ارجع إلى قومك فأخبرهم، حتى يأتيك أمري (١)». ومما يشير إلى ذلك أيضا أن دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرحلة الاستخفاء لم تأخذ النمط القبلي والعشائري مع أن المجتمع المكي - شأن سائر الجزيرة العربية - يعتمد في تنظيمه على القبيلة التي تغرس في نفوس أبنائها مبدأ التناصر والتآزر (٢).

وهذا الانفتاح المتوازن الذي أشرت إليه بالعالمية يدل عليه بصورة واضحة التطبيق العملي، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - دعا أبا بكر وهو من تميم، وعلي بن أبي طالب من بني هاشم، ومصعب بن عمير من بني عبد الدار، وعبد الله بن مسعود من هذيل، وعمار بن ياسر من عنس، وزيد بن حارثة من كلب، وأبا ذر من غفار، وعمرو بن عبسة من سليم - رضي الله عنهم -، لقد كانت العالمية واضحة حتى في مرحلة الاستخفاء (٣).

- المدعو من مهامه القيام بالدعوة: إن استخفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة لم يمنع المدعوين من القيام بدعوة غيرهم رغم سرية المرحلة؛ لأن الغاية هي


(١) البخاري المناقب (٣٦٤٨)، مسلم فضائل الصحابة (٢٤٧٤).
(٢) انظر: السيرة النبوية الصحيحة – أكرم ضياء العمري ١/ ١٣٣.
(٣) انظر: المرجع السابق ١/ ١٣٣.