للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كتب أيضا الشيخ محمد الحافظ التيجاني كتابة نافعة وكاملة في موضوع تدوين السنة وإبطال احتجاج من ادعى أن الحديث لم يكتب في عصر النبوة والصحابة (١).

ولما لحق النبي - صلى الله عليه وسلم - بربه، وانقطع نزول القرآن، وكان المسلمون قد حفظوه في الصدور، ثم في السطور، وأصبح من المستحيل خلطه بحرف واحد أو حركة واحدة من عند غير الله، انتفى بالضرورة كل خوف من أن تلتبس أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنص القرآني فزاد عدد من يسجلون بالكتابة هذه الأحاديث:

روي عن سعيد بن جبير: أنه كان يجلس مع ابن عباس، فيسمع منه الحديث، فيكتبه في واسطة الرحل، فإذا نزل نسخه (٢).

وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: " كنا نكتب الحلال والحرام، وكان ابن شهاب يكتب كل ما يسمع، فلما احتيج إليه علمت أنه أعلم الناس (٣).

وعن هشام بن عروة، عن أبيه، أنه احترقت كتبه يوم الحرة، في خلافة يزيد، وكان يقول: " لو أن عندي كتبي بأهلي ومالي " (٤).

وصحيح أن الصحابة والتابعين كان بين بعضهم وبعض تفاوت في درجات العلم بالنسبة القولية والفعلية والتقريرية، وهو أمر طبيعي؛ لأن الصحابة لم يكونوا سواء في الصحبة والقرب من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولأن التابعين أيضا لم يكونوا متماثلين أو متعادلين، ولكن هذا الاختلاف لم يفض غالبا إلى خطأ أو اضطراب يستحق الذكر، سواء في المتون أو في الشروح، فهم جميعا لم يألوا جهدا في تعهد السنة حفظا بألفاظها ومعانيها، وتطبيقا بحروفها وبروحها، وإعلاما بإبلاغها لمن لم يشهدها أو لم يشهد من شهدها، وبنقلها للأخلاف وتعليمهم إياها.


(١) انظر: كتابه: سنة الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ص٢٩ - ٧١ ط، مجمع البحوث الإسلامية.
(٢) أبو شهبة: الكتب الصحاح الستة ص٢٠.
(٣) أبو شهبة: الكتب الصحاح الستة ص٢٠.
(٤) أبو شهبة: الكتب الصحاح الستة ص٢٠.