للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخروجهم إلا فسادا، وضرا وشرا، واضطرابا بإيقاع الجبن والفشل بين المؤمنين، يخوفونهم بأعدائهم ويعظمون الأمور، فيخذلونهم ويضعفون شجاعتهم، ولأسرع المنافقون في الدخول بينكم بالتفريق والإفساد وإيقاع العداوة والبغضاء بينكم بالنميمة ونقل الحديث يبغونكم الفتنة: أي يطلبون لكم ما تفتتنون به يقولون: إنكم مهزومون وسيظهر عليكم عدوكم ونحو ذلك.

وقيل معنى الفتنة: العنت والشر، وقيل: الكفر. قال تعالى: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} (١) أي مطيعون لهم يستمعون كلامهم ويطيعونهم، لو صحبوكم أفسدوا عليكم بتثبيط الناس عن السير معكم، وقيل معنى سماعون: جواسيس لهم يخبرونهم بما يسمعون منكم، ومن العلماء من رجح القول الأول وهو أن معنى سماعون: مطيعون، بدليل قوله تعالى في الآية الأخرى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} (٢)، أي قابلون له، وأيد ابن القيم - رحمه الله - هذا القول فقال: " ولم يكن في المؤمنين جواسيس للمنافقين، فإن المنافقين كانوا مختلطين بالمؤمنين ... ولم يكونوا متحيزين عنهم قد أرسلوا فيهم العيون ينقلون إليهم أخبارهم، فإن هذا إنما يفعله من انحاز عن طائفة ولم يخالطها " (٣).


(١) سورة التوبة الآية ٤٧
(٢) سورة المائدة الآية ٤١
(٣) تفسير ابن القيم ص (٢٩٥).