للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتأويل الثاني هو ما رجحه الطبري في تفسيره، فعنده أن المطيع يقال له سامع ولا تكاد تقول: هو له سماع مطيع (١)، فيكون عنده معنى سماعون: جواسيس. ثم وصف سبحانه المنافقين بأنهم ابتغوا الفتنة من قبل أي: طلبوا صد أصحابك عن دينهم، وردهم إلى الكفر، وخذلوا الناس عنك قبل هذا اليوم كما فعلوا يوم أحد.

وقلبوا لك الأمور، أي: أجالوا في إبطال الدين الذي جئت به، بتشتيت أمرك وتخذيل الناس عنك، وإنكار ما تأتيهم به، حتى نصرك الله وظهر الإسلام وهم كارهون.

ومن الأمثلة على ما يبثونه من شر وفساد أثناء الحرب:

أ- قولهم في غزوة بدر لما رأوا قلة المسلمين وكثرة الكفار أعدائهم، وظنوا أنهم سيهزمونهم لا يشكون في ذلك، قالوا: غر هؤلاء دينهم قال تعالى: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (٢)، أي غر هؤلاء الذين يقاتلون المشركين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم دينهم، يريدون أن يوهنوا عزائم المقاتلين، ويضعفونهم.


(١) تفسير الطبري (١٠/ ١٤٦) المجلد السادس.
(٢) سورة الأنفال الآية ٤٩