للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد شابهوا في هذا قوم موسى - عليه السلام - قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (١).

والمنافقون دخلوا في الإسلام ظاهرا، وإلا فهم كارهون له في نفس الأمر، ولهذا إذا أصابهم شر نسبوه إلى اتباعهم للإسلام، ولو فهموا وعقلوا لعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء إلا بالخير والبركة والفلاح لمن آمن به واتبعه.

وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخبرهم بأن الحسنة والسيئة والنصر والظفر والقتل والهزيمة كل ذلك من الله دون محمد صلى الله عليه وسلم ودون غيره، ولما كانت هذه المقولة من المنافقين ناشئة عن شك وريب، وعدم توكل على الله، وقلة فهم وعلم، وكثرة جهل، عيرهم سبحانه بهذا الجهل فقال: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} (٢) فهم لا يكادون يعلمون حقيقة ما تخبرهم به من أن كل ما أصابهم من خير أو شر فمن عند الله، ولا يصيب أحدا شيء إلا بتقديره فإن مفاتيح الأشياء بيده لا يملك غيره شيئا منها (٣).


(١) سورة الأعراف الآية ١٣١
(٢) سورة النساء الآية ٧٨
(٣) انظر: تفسير الطبري (٥/ ١٧٤) المجلد الرابع وتفسير البغوي (١/ ٤٥٤) وتفسير ابن كثير (١/ ٥٢٨).