للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما أصاب هؤلاء المنافقين سببه أفعالهم وكفرهم وسوء عقيدتهم وقبح أعمالهم، وذلك بقضاء الله وقدره وحكمته وعدله، لكن المنافق يعبد الله على حرف قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (١)، على حرف أي على شك، فإن أصابه خير وهو النصر والسعة من العيش وما يشبهه من أسباب الدنيا، اطمأن به واستقر على الإسلام، وثبت عليه، وإن أصابته فتنة وهو العذاب والمصيبة والضيق بالعيش وما يشبهه انقلب على وجهه أي: ارتد كافرا (٢)، قال الحسن البصري: هو المنافق يعبده بلسانه دون قلبه (٣)، والمنافق حين ينسب الهزيمة إلى القيادة يكون قد تطير وأشرك، والطيرة هي: التشاؤم بمرئي أو مسموع ولا يكون إلا في قلوب أهل الشرك والعقائد الضعيفة الذين لا يجعلون توكلهم على الله، ولا يعلمون أن للكون إلها مدبرا وأن ما أصابهم من الله وليس من قادتهم.

والتطير شرك ينافي كمال التوحيد الواجب، لأن التوحيد عبادة واستعانة، قال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (٤)، كما أن


(١) سورة الحج الآية ١١
(٢) انظر تفسير الطبري (١٧/ ١٢٢) المجلد العاشر.
(٣) تفسير البغوي (٣/ ٢٧٧).
(٤) سورة الفاتحة الآية ٥