للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعين، وقد وردت أدلة متنوعة في الكتاب والسنة بذلك ومن طلبها وجدها في كتب الحديث والعقائد، ولم يزل السلف يأثرونها ويروونها من غير تكبر، ولم يقولوا إنها تشبه خصائص المخلوق؛ بل إنها صفة للرب تعالى كسائر صفاته نؤمن بها ولا نكيفها حيث لم يخالفها عقل سليم ولا نقل صحيح، بل النقول المتكاثرة المتواردة على حكم واحد يتعذر تأويلها.

ثم قال في السطر الذي يليه {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (١) أي بقدرته {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (٢) «ويد الله مع الجماعة (٣)» أي يؤيدهم بنصره. . . الخ.

وهذا تأويل باطل من جنس ما قبله، فقد تكرر ذكر اليد واليدين للرب تعالى في العديد من الآيات والأحاديث والتصريح بذكر اليمين، ونحو ذلك من العبارات الصريحة، فإن تأويلها بالقدرة بعيد عن الصواب، وقد ذكرها الله في قوله لإبليس: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (٤) بلفظ المثنى، ولو كان المراد القدرة لما حسن ذكر التثنية، ولقال إبليس: وأنا خلقتني يا رب بقدرتك. ثم إنه ادعى الإجماع على تأويل اليد بالقدرة والتأييد والنصر والرعاية والحماية والعناية، وليس كذلك فإجماع الصحابة والتابعين سابق لهؤلاء على أن يد الله صفة من صفاته، وتبعهم على ذلك سلف الأمة والأئمة الأربعة ونصره ابن جرير في تفسير قول الله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} (٥) فأين الإجماع على ما قال، ومن الذي حكاه كما قال هذا الكاتب؟! ثم إنه أورد بيت شعر اعتمده فيما قال، ونص البيت:

وكل نص أوهم التشبيها ... أوله أو فوض ورم تنزيها


(١) سورة الزمر الآية ٦٧
(٢) سورة الفتح الآية ١٠
(٣) من حديث رواه الترمذي والنسائي.
(٤) سورة ص الآية ٧٥
(٥) سورة المائدة الآية ٦٤