للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: إن الخيرية معلومة في قوله: " خير وأحب " لأن الأصل في اسم التفضيل اتفاق المفضل والمفضل عليه في أصل الوصف؟

فالجواب: أنه قد يخرج عن الأصل، كما في قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} (١)، مع أن أهل النار لا خير في مستقرهم. كذلك الإنسان إذا سمع هذه الجملة: " خير وأحب " صار في نفسه انتقاص للمؤمن المفضل عليه، فإذا قيل: " وفي كل خير " رفع من شأنه ونظيره (٢) قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (٣).

ومما يؤخذ من هذا الجزء من الحديث أمران:

الأمر الأول: إثبات زيادة الإيمان ونقصانه

أخذا من قوله - صلى الله عليه وسلم -: " المؤمن القوي" في مقابلة " المؤمن الضعيف " فدل على أن الإيمان يزيد وينقص، وهذا المجمع عليه عند أهل السنة والجماعة وهو المأثور عن الصحابة والتابعين وأتباعهم إلى عصرنا هذا، وأقوالهم منثورة في الآفاق، فلم يخل عصر ولا


(١) سورة الفرقان الآية ٢٤
(٢) القول المفيد على كتاب التوحيد لابن عثيمين (٢/ ٣٦٧).
(٣) سورة الحديد الآية ١٠