للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالحرص على ما ينفعه في دنياه وآخرته، ولما كان حرص الإنسان وفعله إنما هو بمعونة الله ومشيئته وتوفيقه: أمره أن يستعين بالله ليجتمع له مقام: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (١)، فإن حرصه على ما ينفعه عبادة لله تعالى ولا يتم إلا بمعونته، فأمره أن يعبده وأن يستعين به، فالحريص على ما ينفعه المستعين بالله، ضد العاجز، فهذا إرشاد له قبل رجوع المقدور إلى ما هو من أعظم أسباب حصوله، وهو الحرص عليه مع الاستعانة بمن أزمة الأمور بيده ومصدرها منه ومردها إليه، فإن فاته ما لم يقدر له فله حالتان:

الأولى: حالة عجز وهي مفتاح عمل الشيطان فيلقيه العجز إلى " لو " ولا فائدة في " لو " هنا، بل هي مفتاح اللوم والجزع والسخط والأسف والحزن، وذلك كله من عما الشيطان، فنهاه - صلى الله عليه وسلم - عن افتتاح عمله بهذا المفتاح.

الثانية: النظر إلى القدر وملاحظته وأنه لو قدر له لم يفته ولم يغلبه عليه أحد، فلن يبق له ههنا أنفع من شهود القدر ومشيئة الرب النافذة التي توجب وجود المقدور، وإذا انتفت امتنع وجوده. فلهذا قال: «قل قدر الله وما شاء فعل (٢)» فأرشده إلى ما ينفعه في الحالتين


(١) سورة الفاتحة الآية ٥
(٢) صحيح مسلم القدر (٢٦٦٤)، سنن ابن ماجه الزهد (٤١٦٨)، مسند أحمد (٢/ ٣٧٠).