كتاب مجلة البحوث الإسلامية

حديث 'المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير .... ' دراسة عقدية - المبحث الثالث قوله صلى الله عليه وسلم 'ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا' - ج: 84 - ص: 176

وقال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (١).

وعن حذيفة رضي الله عنه مرفوعا: «إن الله يصنع كل صانع وصنعته (٢)»

والإيمان بالقدر نظام التوحيد، كما أن الإيمان بالأسباب التي توصل إلى خيره وتحجز عن شره هي نظام الشرع، ولا ينتظم أمر الدين ويستقيم إلا لمن آمن بالقدر وامتثل للشرع، فمن نفى القدر زاعما منافاته للشرع فقد عطل الله عن علمه وقدرته، وجعل العبد مستقلا بأفعاله خالقا لها، فأثبت مع الله تعالى خالقا، بل أثبت أن جميع المخلوقين خالقون، ومن أثبت القدر محتجا به على الشرع، نافيا عن العبد قدرته واختياره فقد نسب إلى الله تعالى إلى الظلم، وليعلم أن الله سبحانه وتعالى الذي أمرنا بالإيمان بالقضاء والقدر، أمرنا بالعمل والأخذ بالأسباب، فقال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} (٣)، وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له (٤)»

---

(١) سورة الصافات الآية ٩٦
(٢) أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد، ص (٧٣)، وابن أبي عاصم في السنة (٣٥٧، ٣٥٨) وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، (٤/ ١٨١)، ح (١٦٣٧).
(٣) سورة التوبة الآية ١٠٥
(٤) رواه مسلم، كتاب (٤٦) القدر، باب (١) كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، ح (٢٦٤٨).