للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي هذا رد على المتخاذلين، المستسلمين لأهوائهم وشهواتهم، محتجين بتقدير الله تعالى ذلك عليهم، فعلى المسلم أن يحرص على حسن الإتباع لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، مع إخلاص العمل لله تعالى، وسلامة العقيدة، والاجتهاد بالأخذ بالأسباب، والسعي وبذل الجهد، فمن ترك الأسباب محتجا بالقدر فقد عصى الله تعالى وخالف شرعه. والمؤمنون حقا يؤمنون بالقدر خيره وشره، وأن الله خالق أفعال العباد، وينقادون للشرع أمره ونهيه، ويحكمونه في أنفسهم سرا وجهرا، وأن للعباد قدرة على أعمالهم، ولهم مشيئة وإرادة، وأفعالهم تضاف إليهم حقيقة، وبحسبها كلفوا، وعليها يثابون ويعاقبون، ولكنهم لا يقدرون إلا على ما أقدرهم الله عليها، ولا يشاؤون إلا أن يشاء الله (١).

قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجري: " قد جرى القلم بأمره عز وجل في اللوح المحفوظ بما يكون من بر أو فاجر، يثني على من عمل بطاعته من عبيده، ويضيف العمل إلى العباد ويعدهم عليه الجزاء العظيم، ولولا توفيقه لهم ما عملوا ما استوجبوا به منه الجزاء {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (٢). وكذا ذم قوم عملوا بمعصيته، وتوعدهم على العمل بها وأضاف العمل إليهم بما


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٤٤٩، ٤٥٩)، وأعلام السنة المنشورة، ص (١٣٩ - ١٤١).
(٢) سورة الحديد الآية ٢١