للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عملوا، وذلك بمقدور جرى عليهم، {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (١) (٢).

وثبت في الحديث الصحيح «أن رجلا قال: يا رسول الله! فيم العمل اليوم؟ أفيما جفت به الأقلام، وجرت به المقادير، أم فيما يستقبل؟ قال: لا، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير قال: ففيم العمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له (٣)»

فلا بد من الإيمان بأن كل ما يصيب العبد مما يضره وينفعه في دنياه فهو مقدر عليه، وأنه لا يمكن أن يصيبه ما لم يكتب له ولم يقدر عليه، ولو اجتهد على ذلك الخلق كلهم جميعا، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٤)، يعني: أن من أصابته مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره، فصبر واحتسب، واستسلم لقضاء الله، هدى الله قلبه، وعوضه عما فاته من الدنيا هدى في قلبه ويقينا صادقا، وقد يخلف عليه ما كان أخذ منه، أو خيرا منه، روى ابن كثير عن ابن عباس أنه قال - في قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (٥) - يعني: يهد قلبه لليقين، فيعلم


(١) سورة النحل الآية ٩٣
(٢) الشريعة، ص (١٥٢).
(٣) سبق تخريجه، ص (١٧٦).
(٤) سورة التغابن الآية ١١
(٥) سورة التغابن الآية ١١