للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه (١).

يقول ابن دقيق العيد: " هذا هو الإيمان بالقدر، والإيمان به واجب، خيره وشره، وإذا تيقن المؤمن هذا، فما فائدة سؤال غير الله والاستعانة به " (٢).

ومما يجب أن يعلم أن القدر السابق لا يمنع العمل، ولا يوجب الاتكال عليه، بل يوجب الجد والاجتهاد، والحرص على العمل الصالح وحسن الاتباع، ولهذا لما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بسبق المقادير وجريانها وجفوف القلم بها، قال بعضهم: «أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: اعملوا فكل ميسر (٣)» ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (٤) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (٥) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (٦).

" فالله سبحانه وتعالى قدر المقادير وهيأ لها أسبابا، وهو الحكيم بما نصبه من الأسباب في المعاش والمعاد، وقد يسر كلا من خلقه لما خلقه له في الدنيا والآخرة، فهو مهيأ له ميسر له؛ فإذا علم العبد أن مصالح آخرته مرتبطة بالأسباب الموصلة إليها كان أشد اجتهادا في فعلها


(١) انظر: تفسير القرآن العظيم، (٤/ ٣٧٥).
(٢) شرح الأربعين حديثا النووية، ص (٥٥).
(٣) سبق تخريجه، ص (١٧٦).
(٤) سورة الليل الآية ٥
(٥) سورة الليل الآية ٦
(٦) سورة الليل الآية ٧