للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال: -: " فإن الإنسان ليس مأمورا أن ينظر إلى القدر عندما يؤمر به من الأفعال، ولكن عندما يجري عليه من المصائب التي لا حيلة له في دفعها، فما أصابك بفعل الآدميين أو بغير فعلهم فاصبر عليه، وارض وسلم، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (١)، ولهذا قال آدم لموسى: «أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن أخلق بأربعين سنة؟! فحج آدم موسى (٢)» لأن موسى قال له: «لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة (٣)»؟! " فلامه على المصيبة التي حصلت بسبب فعله لها لأجل كونها ذنبا، وأما كونه لأجل الذنب - كما يظنه طوائف من الناس - فليس مرادا بالحديث، فإن آدم عليه السلام كان قد تاب من الذنب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولا يجوز لوم التائب باتفاق الناس " (٤).

فالقدرية الذين ينكرون القدر يكذبون بهذا الحديث؛ لأن من عادة أهل البدع أن ما خالف بدعتهم إن أمكن تكذيبه كذبوه، وإلا


(١) سورة التغابن الآية ١١
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب القدر، باب: تحاج آدم وموسى عند الله، فتح الباري (١١/ ٥٠٥)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى (٤/ ٢٠٤٢ - ٢٠٤٣).
(٣) سنن أبي داود السنة (٤٧٠٢).
(٤) مجموع الفتاوى (٨/ ١٧٨ - ١٧٩).