للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التسليم التام لقضاء الله عز وجل، وأن الإنسان إذا فعل ما أمر به على الوجه الشرعي؛ فإنه لا يلام على شيء، ويفوض الأمر إلى الله.

قوله: " وما شاء فعل " جملة مصدرة بـ " ما " الشرطية، و" شاء ": فعل الشرط، وجوابه: " فعل " أي: ما شاء الله أن يفعله فعله؛ لأن الله لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، قال تعالى: {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (١).

ولكن يجب أن نعلم أنه سبحانه وتعالى لا يفعل شيئا إلا لحكمة، خفيت علينا أو ظهرت لنا، وبهذا التقرير نفهم أن المشيئة يلزم منها وقوع المشاء، ولهذا كان المسلمون يقولون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

وأما الإرادة ووقوع المراد؛ ففيه تفصيل: فالإرادة الشرعية لا يلزم منها وقوع المراد، وهي التي بمعنى المحبة، قال تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} (٢)، بمعنى يحب، ولو كانت بمعنى يشاء لتاب الله على جميع الناس.

والإرادة الكونية يلزم منها وقوع المراد (٣) كما قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} (٤)


(١) سورة الرعد الآية ٤١
(٢) سورة النساء الآية ٢٧
(٣) انظر: القول المفيد على شرح كتاب التوحيد (٢/ ٣٧١ - ٣٧٢)، وشرح رياض الصالحين (١/ ٤٦٤).
(٤) سورة البقرة الآية ٢٥٣