للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الرواية الثالثة (١) للحديث قرن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين قوله: «احرص على ما ينفعك (٢)» بقوله وإياك واللو فالإشارة هنا إلى محل " لو " المذمومة وهي نوعان:

أحدهما: في الحال ما دام فعل الخير ممكنا فلا يترك لأجل فقد شيء آخر، فلا تقول: لو أن كذا كان موجودا لفعلت كذا. مع قدرته على فعله ولو لم يوجد ذاك، بل يفعل الخير ويحرص على عدم فواته.

والثاني: من فاته أمر من أمور الدنيا فلا يشغل نفسه بالتلهف عليه، لما في ذلك من الاعتراض على المقادير وتعجيل تحسر لا يغني شيئا ويشتغل به عن استدراك ما لعله يجدي، فالذم راجع فيما يؤول في الحال إلى التفريط وفيما يؤول في الماضي إلى الاعتراض على القدر، وهو أقبح من الأول، فإن انضم إليه الكذب فهو أقبح مثل قول المنافقين: {لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ} (٣)، وقولهم: {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ} (٤)، وكذا قولهم: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} (٥)


(١) انظر: ص (١٢١) من البحث.
(٢) صحيح مسلم القدر (٢٦٦٤)، سنن ابن ماجه الزهد (٤١٦٨)، مسند أحمد (٢/ ٣٧٠).
(٣) سورة التوبة الآية ٤٢
(٤) سورة آل عمران الآية ١٦٧
(٥) سورة آل عمران الآية ١٦٨