للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتاب صفوة التفاسير مزيد من البسط من حيث البلاغة في التعبير يقول: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (١) بلاغته أعلى درجات البلاغة. ونقل عن العرب في هذا المعنى قولهم: " القتل أنفى للقتل "، ولكن لورود الحكمة في القرآن فضل من ناحية حسن البيان، وإذا شئت أن تزداد خبرة بفضل بلاغة القرآن وسمو مرتبته على مرتبة ما نطق به بلغاء البشر فانظر إلى العبارتين فإنك تجد من نفحات الإعجاز ما ينبهك لأن تشهد الفرق بين كلام الخالق وكلام المخلوق.

أما الحكمة القرآنية فقد جعلت سبب الحياة القصاص وهو القتل عقوبة على وجه التماثل، والمثل العربي جعل سبب الحياة القتل، ومن القتل ما يكون ظلما فيكون سببا للفناء. وتصحيح العبارة أن يقال: القتل قصاصا أنفى للقتل ظلما. والآية جاءت خالية من التكرار اللفظي، والمثل كرر فيه لفظ القتل فمسه بهذا التكرار من الثقل ما سلمت منه الآية.

ومن الفروق الدقيقة بينهما أن الآية جعلت القصاص سببا للحياة، والمثل جعل القتل سببا لنفي القتل، وهو لا يستلزم الحياة، وقد عد العلماء عشرين وجها من وجوه التفرقة بين الآية القرآنية واللفظة العربية.


(١) سورة البقرة الآية ١٧٩