للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - وقال تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} (١) إلى أن قال سبحانه حكاية عنهم: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} (٢)، فأجابهم الحق بقوله: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} (٣) {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} (٤) {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} (٥). في الآيات دلالة على أن الاستهزاء بالمؤمنين لأجل إيمانهم من أسباب دخول النار، وقطع الرحمة (٦) مما يدل على أنه كفر.

قال الإمام الشنقيطي - في تعليقه على هذه الآيات -: " قد تقرر في الأصول في مسلك الإيماء والتنبيه أن (إن) المكسورة المشددة من حروف التعليل كقولك: عاقبه إنه مسيء؛ أي لأجل إساءته، وقوله في هذه الآية: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي} (٧). . . الآيتين) يدل فيه لفظ إن المكسورة المشددة على أن من الأسباب التي أدخلتهم النار هو استهزاؤهم وسخريتهم من هذا الفريق المؤمن. . . . وحتى في قوله: {حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي} (٨) حرف غاية لاتخاذهم إياهم سخريا: أي لم يزالوا كذلك حتى أنساهم ذلك ذكر الله، والإيمان به، فكان مأواهم


(١) سورة المؤمنون الآية ١٠٣
(٢) سورة المؤمنون الآية ١٠٧
(٣) سورة المؤمنون الآية ١٠٨
(٤) سورة المؤمنون الآية ١٠٩
(٥) سورة المؤمنون الآية ١١٠
(٦) انظر: تفسير ابن سعدي، ج ٥ ص ١٨٩، وأضواء البيان، ج ٥ ص ٨٢٧.
(٧) سورة المؤمنون الآية ١٠٩
(٨) سورة المؤمنون الآية ١١٠