للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تيمية رحمه الله في جواب عن سؤال ورد إليه في هذا الموضوع رأينا أن نسوقه بتمامه لفائدته العظيمة.

قال رحمه الله: " الحمد لله رب العالمين - قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} (١) وقوله تعالى: {إلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} (٢) عائد إلى ما تقدم من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وأكيلة السبع عند عامة العلماء كالشافعي وأحمد بن حنبل وأبي حنيفة وغيرهم، فما أصابه قبل أن يموت أبيح. لكن تنازع العلماء فيما يذكى من ذلك. فمنهم من قال: ما تيقن موته لا يذكى كقول مالك ورواية عن أحمد. ومنهم من يقول: ما يعيش معظم اليوم ذكي، ومنهم من يقول: ما كانت فيه حياة مستقرة ذكي كما يقوله من يقوله من أصحاب الشافعي وأحمد. ثم من هؤلاء من يقول: الحياة المستقرة ما يزيد على حركة المذبوح. ومنهم من يقول: ما يمكن أن يزيد على حياة المذبوح.

والصحيح: أنه إذا كان حيا فذكي حل أكله ولا يعتبر في ذلك حركة مذبوح. فإن حركات المذبوح لا تنضبط، بل فيها ما يطول زمانه وتعظم حركته. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا (٣)» فمتى جرى الدم الذي يجري من المذبوح. . . . حل أكله. والناس يفرقون بين دم ما كان حيا ودم ما كان ميتا. فإن الميت يجمد دمه ويسود؛ ولهذا حرم الله الميتة لاحتقان الرطوبات فيها. فإذا جرى منها الدم الذي يخرج من المذبوح الذي ذبح وهو حي حل أكله وإن تيقن أنه يموت (أي بالإصابة). . .

فعمر بن الخطاب رضي الله عنه تيقن أنه يموت وكان حيا وجازت وصيته وصلاته وعهوده. وقد أفتى غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم بأنها إذا مصعت بذنبها أو طرفت بعينها أو ركضت برجلها بعد الذبح حلت، ولم يشرطوا أن تكون حركتها قبل ذلك أكثر من حركة المذبوح. وهذا قاله الصحابة؛ لأن الحركة دليل الحياة


(١) سورة المائدة الآية ٣
(٢) سورة المائدة الآية ٣
(٣) صحيح البخاري الذبائح والصيد (٥٤٩٨)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٠٤)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٤٦٣).