للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذبوح لم تحل (١) وبعض الحنابلة يقرر ذلك بالزمن فيقول: إن كانت تعيش معظم اليوم حلت بالذكاة، ورد ذلك صاحب المغني ثم قال: والصحيح أنها إذا كانت تعيش زمنا يكون الموت بالذبح أسرع منه (أي من الموت بالإصابة) حلت.

القول الثالث: أن ما يغلب على الظن أنه يموت بالإصابة لا يحل بالذكاة وهذا قول مالك (٢) ورواية عن أحمد (٣) وذلك بأن تكون منفوذة بعض المقاتل كمقطوعة النخاع والتي انتثر دماغها أو بانت حشوتها أو فري ودجها. ووجه هذا القول: أنها إذا كانت كذلك صارت ميتة حكما فلا تعمل فيها ذكاة (٤).

وملخص هذه الأقوال: القول الأول يكتفى بمجرد وجود حياة في الحيوان المصاب بحيث يمكن تذكيته قبل أن يموت، والقول الثاني يقول: لا بد من حياة أكثر من ذلك بحيث تكون حياة مستقرة تتحدد زمنا أوسع وتعرف بالأمارات كالحركة القوية ونحوها على ما مر. والقول الثالث يقول لا بد من حياة مستمرة بحيث لو ترك الحيوان لعاش، فإن كانت الإصابة قاتلة لم تعمل فيه الذكاة.

الترجيح - والراجح من هذه الأقوال هو القول الأول؛ لأنه هو الذي يتمشى مع ظاهر الآية: {إلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} (٥) فإذا أدرك وفيه حياة فذكي فقد تناوله عموم الآية.

ومما يدل على هذا أيضا واقعة حصلت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم «هي أن جارية لكعب بن مالك رضي الله عنه (٧)» فقوله: (فأدركها فذكتها) يدل على أنها بادرتها بالذكاة حين خافت موتها في ساعتها، واشتراط الحياة المستقرة أو اشتراط أن لا تكون الإصابة قاتلة يخالف ظاهر النصوص. وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن


(١) المقنع بحاشيته ص ٥٣٩ ج٣.
(٢) الشرح الكبير للدردير ص ١١٣ ج٢.
(٣) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ص ٢٣٧ ج٣٥.
(٤) الشرح الصغير ص ١٧٦ ج٢.
(٥) سورة المائدة الآية ٣
(٦) رواه البخاري في صحيحه ص ٦٣٢ ج٩ من فتح الباري.
(٧) (٦) كانت ترعى غنما بسلع فأصيبت شاة منها فأدركتها فذبحتها بحجر، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم فقال كلوها