للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدليل الثالث: ما جاء في صحيح البخاري: «أن المحرمة لا تنتقب، ولا تلبس القفازين (١)»

وجه الاستدلال: فيه دليل على أن انتقاب المرأة في الإحرام، لا يجوز؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك في الحديث المتقدم، وهو من أعظم الأدلة على أن المرأة كانت تستر وجهها في الأحوال العادية، ومعنى لا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين، أي: لا تلبس ما فصل وقطع وخيط لأجل الوجه كالنقاب، ولأجل اليدين كالقفازين، لا أن المراد أنها لا تغطي وجهها وكفيها، كما توهمه البعض فإنه يجب سترهما، لكن بغير النقاب والقفازين. هذا ما فسره به الفقهاء والعلماء.

ولا يعني أن المرأة المحرمة التي منعت من النقاب تكشف وجهها عند وجود الرجال الأجانب، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: «كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا حاذونا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها، فإذا جاوزونا كشفناه (٢)» وقد تقدم نقل إجماع العلماء على أن المرأة تغطي


(١) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، صحيح البخاري ج ٢، ص ٦٥٣، ح ١٧٤١، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة.
(٢) صحيح ابن خزيمة ج ٤، ص ٢٠٣، ح ٢٦٩١، مسند الإمام أحمد بن حنبل ج ٦، ص ٣٠، ح ٢٤٠٦٧، سنن أبي داود ج ٢، ص ١٦٧، ح ١٨٣٣، قال ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية ج ٢، ص ٣٢: " وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، وقد قال فيه مرة عن مجاهد عن عائشة، ومرة عن أم سلمة، كذا في الدارقطني والطبراني "، وقال في تلخيص الحبير ج ٢، ص ٢٧٢، وأخرجه ابن خزيمة، وقال في القلب من يزيد بن أبي زياد، ولكن ورد من وجه آخر، ثم أخرج من طريق فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر، وهي جدتها نحوه، وصححه الحاكم، قال المنذري: قد اختار جماعة العمل بظاهر هذا الحديث.