لم يشرع لها كشف الوجه في الإحرام ولا غيره، وإنما جاء النص بالنهي عن النقاب خاصة، كما جاء بالنهي عن القفازين، وجاء النهي عن لبس القميص والسراويل، ومعلوم أن نهيه عن لبس هذه الأشياء لم يرد أنها تكون مكشوفة لا تستر البتة، بل قد أجمع الناس على أن المحرمة تستر بدنها بقميصها ودرعها، وأن الرجل يستر بدنه بالرداء، وأسافله بالإزار، مع أن مخرج النهي عن النقاب والقفازين والقميص والسراويل واحد، وكيف يزاد على موجب النص، ويفهم منه أنه شرع لها كشف وجهها بين الملأ جهارا، فأي نص اقتضى هذا، أو مفهوم، أو عموم، أو قياس، أو مصلحة؟.
بل وجه المرأة كبدن الرجل، يحرم ستره بالمفصل على قدره، كالنقاب والبرقع، بل وكيدها يحرم سترها بالمفصل على قدر اليد كالقفاز، وأما سترها بالكم، وستر الوجه بالملاءة والخمار والثوب، فلم ينه عنه البتة، ومن قال: إن وجهها كرأس المحرم فليس معه بذلك نص ولا عموم، ولا يصح قياسه على رأس المحرم لما جعل الله بينهما من الفرق، وقول من قال من السلف: إحرام المرأة في وجهها، إنما أراد به هذا المعنى، أي: لا يلزمها اجتناب اللباس كما يلزم الرجل، بل يلزمها اجتناب النقاب، فيكون وجهها كبدن الرجل، ولو قدر أنه أراد وجوب كشفه، فقوله ليس بحجة ما لم يثبت عن صاحب الشرع أنه قال ذلك،