للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يذبحون للجن، بل حرم الله ما لم يذكر عليه اسمه مطلقا كما دل على ذلك الكتاب والسنة في غير موضع وقد قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (١) أي انحر لربك وحده كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (٢) وقد قال إبراهيم وإسماعيل إذ يرفعان القواعد من البيت: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (٣) {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} (٤) فالمناسك هنا مشاعر الحج كلها كما قال تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} (٥) وقال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} (٦) وقال: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} (٧) وقال: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (٨) فالمقصود تقوى القلوب لله وهي عبادتها له وحده دون سواه بغاية العبودية له، والعبودية فيها غاية المحبة وغاية الذل والإخلاص، وهذه ملة إبراهيم الخليل " (٩) " وكان المشركون يذبحون للقبور ويقربون لها القرابين، وكانوا في الجاهلية إذا مات لهم عظيم ذبحوا عند قبره الخيل والإبل وغير ذلك تعظيما للميت، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كله، ولو نذر أن يذبح لغير الله لم يكن له أن يوفي به، ولو شرطه واقف لكان شرطا فاسدا" وقد عادت الجاهلية في أقبح صورها في بلاد كثيرة وصار الذبح لغير الله فيها أمرا مألوفا.

النوع الثاني: ما ذبحه غير كتابي من الوثنيين والمجوسيين والقبوريين وغيرهم لأصنامهم وأضرحتهم التي يتقربون إليها بذبح القرابين وأنواع النذور مما يعج به اليوم كثير من البلاد التي كانت فيما سبق إسلامية، والآن ظهرت فيها أعلام الشرك وصار


(١) سورة الكوثر الآية ٢
(٢) سورة الأنعام الآية ١٦٢
(٣) سورة البقرة الآية ١٢٧
(٤) سورة البقرة الآية ١٢٨
(٥) سورة الحج الآية ٦٧
(٦) سورة الحج الآية ٣٤
(٧) سورة الحج الآية ٣٧
(٨) سورة الحج الآية ٣٢
(٩) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ص ٤٨٤ - ٤٨٦ ج١٧.