للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} (١) وهذا مما أهل به لغير الله.

وإباحة ذبائح أهل الكتاب وإن كانت مطلقة لكنها مقيدة بما لم يهلوا به لغير الله، فلا يجوز تعطيل القيد وإلغاؤه. بل يحمل المطلق على المقيد. وإن ادعى المخالفون العكس فقالوا: آية {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} (٢) هي المطلقة وآية: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٣) مقيدة فيحمل المطلق على المقيد، فتقيد ذبيحة الكتابي عموم ما أهل به لغير الله.

قلنا: بل الصواب العكس فقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٤) مطلق فيما أهل به لغير الله. وما أهل به لله قيد منه ما أهل به لغير الله وبقي ما عداه. وهذا أولى لوجوه:

أحدها: أنه نص سبحانه على تحريم ما لم يذكر عليه اسمه ونهى عن أكله وأخبر أنه فسق. وهذا تنبيه على أن ما ذكر عليه اسم غيره أشد تحريما وأولى بأن يكون فسقا.

الثاني: أن قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٥) قد خص فيه ما يستحلونه من الميتة والدم ولحم الخنزير فلأن يخص منه ما يستحلونه مما أهل به لغير الله من باب أولى.

الثالث: أن الأصل في الذبائح التحريم إلا ما أباحه الله ورسوله، فلو قدر تعارض دليلي الحظر والإباحة لكان العمل بدليل الحظر أولى لثلاثة أوجه: أحدها: تأيده بالأصل الحاضر، الثاني: أنه أحوط، الثالث: أن الدليلين إذا تعارضا رجع إلى الأصل، والأصل هنا هو التحريم.

ما أهل به لغير الله فهو حرام مطلقا:

"حرم سبحانه ما ذبح لغير الله وما سمي عليه غير اسم الله وإن قصد به اللحم لا القربان، فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من ذبح لغير الله ونهى عن ذبائح الجن وكانوا


(١) سورة البقرة الآية ١٧٣
(٢) سورة البقرة الآية ١٧٣
(٣) سورة المائدة الآية ٥
(٤) سورة المائدة الآية ٥
(٥) سورة المائدة الآية ٥