للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدليل قوله تعالى: {وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} (١) سورة البقرة آية ٢٨٢، إذ الحدود لا مدعي فيها.

ورد قول من قال: إنها في الديون بأن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب (٢).

هذا وبالرغم أن ما سبق فيه الكفاية إلا أنني أزيد عليه بما يتراءى لي مناسبته فأقول:

إن الذين يرتكبون الفواحش تجد هوى في نفوسهم، ومتى علموا بأنه سيتم الستر عليهم ولن يحصل لهم عقاب من جراء هذا الستر فإن منهم من يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ويسعى في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين، وما هذا من هؤلاء إلا رغبة في كثرة أمثالهم وعموم البلوى بهم ما يضمن لهم الاستمرار في غيهم، وقد قال الله تعالى في أمة محمد صلى الله عليه وسلم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (٣) وقال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (٤).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (٥)».

والستر على المعاصي ليس أمرا بالمعروف ولا نهيا عن المنكر بل يجعله يستمر في عمله ويعزم على ألا يتوب لا قدر الله.

وإذا كان الأمر بالشيء نهيا عن ضده فإننا قد أمرنا بالأمر بالمعروف ولذا فإننا منهيون عن السكوت عن الأمر، وإذا كان الأمر بالمعروف درجات بالنسبة لغير القادر فإنه يجب على القادر الراغب في الستر على العاصي أن ينصحه فيما بينهما بادئ


(١) سورة البقرة الآية ٢٨٢
(٢) انظر: البحر الرائق ج٧ ص٥٩، تكملة رد المحتار ج٧ ص٧٠، مواهب الجليل ج٦ ص١٦٣، مطالب أولي النهي ج٦ ص٥٩٤.
(٣) سورة آل عمران الآية ١١٠
(٤) سورة آل عمران الآية ١٠٤
(٥) انظر: سنن ابن ماجه ج٢ ص١٣٣٠، صحيح مسلم ج١ ص٦٩، سنن الترمذي ج٤ ص٤٧٠، سنن أبي داود ج٤ ص١٢٣، سنن النسائي ج٨ ص١١١، ١١٢، ص١٨ من هذه الرسالة.