للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يعني هذا تحول نية التجارة بمجرد استغلال الأرض أو الانتفاع بها بأي وجه كان، كمن عنده أراض تجارية، فأراد أن يستفيد منها فائدة مؤقتة، كأن يجعلها موقفا للسيارات، أو مستودعا أو نحو ذلك، فهذا لا يخرجها عن نية التجارة؛ لأنه في الحقيقة يريد بيعها، ولو على تلك الحال، وقد أشار بعض الفقهاء - كما سبق - إلى مثل هذه المسألة حيث ذكروا: وجوب الزكاة في الأرض التجارية إذا زرعت (١)

ولعل هذا هو الذي جعل بعض فقهاء المالكية يرجح وجوب الزكاة على من نوى عند الشراء الإجارة والتجارة، أو القنية والتجارة حيث قالوا: "إن نوى بشراء العرض التجارة والإجارة كان ذلك أبين في وجوب الزكاة، ومثله إذا نوى التجارة والاستمتاع بالاستخدام والوطء؛ لأنه معلوم أن كل من نوى التجارة بانفرادها يستمتع في خلال ذلك بالاستخدام والركوب والكراء إلى أن يتفق له البيع" (٢)

فهم نظروا إلى أن وجود الانتفاع أو الاستغلال لعين السلعة مع وجود الأصل وهو نية التجارة لا يسقط حكم الزكاة فيها؛ لأنه يريد بالسلعة البيع متى ما اتفق له ذلك، وهذا حق من هذا الوجه، ولعله هو المراد عند من اختار هذا القول من فقهاء المالكية.


(١) راجع ص ١٩٨.
(٢) التاج والإكليل ٣/ ١٨٢.