ولا أرى أن الحاجة تدعو إلى تفصيل هذا الاختلاف - لأن ذلك يطول، ويبعد عن مقصود البحث - لذا سأكتفي بمناقشة هذا الشرط من أصله، وذلك ببيان سبب اشتراط هذا الشرط، وأدلته، ثم بيان وجهة النظر الأخرى في اشتراط هذا الشرط، والراجح في هذه المسألة.
فأما سبب اشتراط هذا الشرط: فهو أن كثيرا من الفقهاء يرون أن النية غير كافية لجعل العرض تجاريا، بل لا بد من عمل يوضح هذه النية ويبينها، ولا يكون هذا العمل إلا بامتلاك العين عن طريق الاختيار للملك - سواء كان بمعاوضة أو غير معاوضة - مع مصاحبة نية التجارة.
فأما ما يدخل الملك من غير اختيار، كالإرث، فإنه لا تؤثر فيه النية حتى لو كان الموروث من العرض تجاريا، فإنه لا تجب فيه زكاة حتى يبيعه ويشتريه بنية التجارة، ومثل ذلك عند الأكثرين ما لو دخل العرض ملكه باختيار منه - بعقد معاوضة كالشراء أو بغير معاوضة كالهبة - لكنه دخل ملكه من غير مصاحبة لنية التجارة، وذلك كمن اشترى أرضا ولم ينو أنها للتجارة، فلا تكون للتجارة بحال، حتى لو نوى فيما بعد بيعها تجارة، وذلك لأنه لا بد من كون النية مصاحبة للشراء.