للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حول سواء ربحت أو خسرت، وهذا القول هو المشهور عند فقهاء المالكية وقالوا: "لا ينقلها بورانها إلى حكم القنية، ولا إلى حكم الاحتكار، بل تبقى على إدارتها" (١)

وهذا القول هو مقتضى مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة

وذهب إليه جماعة من المعاصرين منهم الشيخ ابن باز (٢) وابن عثيمين (٣) وغيرهما.

أدلة هذا القول:

أولا: عموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في عروض التجارة ما دامت معدة للبيع، ومن ذلك حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه المتقدم «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة من الذي يعد للبيع (٤)» فهذا الحديث وشواهده الكثيرة الدالة على وجوب زكاة العروض قد


(١) شرح الخرشي ٢/ ١٩٨.
(٢) مجموع فتاوى ابن باز ١٤/ ١٦٢، ١٦٣.
(٣) فتاوى أحكام الزكاة ص ٢٢٥.
(٤) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة باب العروض إذا كانت للتجارة هل فيها من زكاة؟ ٢/ ٩٥ رقم (١٥٦٢)، والطبراني في الكبير ٧/ ٢٥٣ رقم (٧٠٢٩)، والدارقطني في كتاب الزكاة. باب زكاة مال التجارة وسقوطها عن الخيل والرقيق ٢/ ١٢٧، ١٢٨ رقم (٢٠٢٧) والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الزكاة باب زكاة التجارة ٤/ ١٤٦ رقم (٧٣٨٨)، وابن حزم في المحلى ٥/ ٢٣٤، وابن عبد البر في التمهيد ١٧/ ١٣٠، كلهم من طريق جعفر بن سعد عن خبيب بن سليمان عن أبيه، وفيه زيادة عند الدارقطني في أوله، ومدار الحديث على جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب، وهذا إسناد ضعيف لما يلي: ١ - فيه جعفر بن سعد، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حزم: مجهول، وقال عبد الحق - في الأحكام-: ليس ممن يعتمد عليه، وقال ابن عبد البر: ليس بالقوي، وقال ابن القطان: ما من هؤلاء من يعرف حاله - يعنى جعفرا، وشيخه وشيخ شيخه - قال الذهبي: وقد جهد المحدثون فيهم جهدهم، وهو إسناد يروى به جملة أحاديث قد ذكر البزار منها نحو المائة، ولذا قال ابن حجر في التقريب: (ليس بالقوي). ينظر الأحكام الوسطى ٢/ ١٧١، بيان الوهم لابن القطان ٥/ ١٣٩، ميزان الاعتدال ١/ ٤٠٧، تهذيب التهذيب ٢/ ٨٠، التقريب (٩٤١). ٢ - خبيب بن سليمان ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن حزم: مجهول، وقال عبد الحق: ليس بقوي، قال ابن حجر: وقرأت بخط الذهبي: لا يعرف، ولذا قال ابن حجر في التقريب: (مجهول). ينظر تهذيب التهذيب ٣/ ١١٦، تقريب التهذيب (١٧٠٠). ٣ - سليمان بن سمرة بن جندب: قال عنه ابن القطان: مجهول، ولذا قال ابن حجر في التقريب: (مقبول). ينظر تهذيب التهذيب ٤/ ١٧٣، تقريب التهذيب (٢٥٦٩). فهذا كلام أهل العلم بالرجال في رواة هذا الإسناد تفصيلا، وبخصوص هذا الإسناد بعينه فقد قال الحافظ الذهبي - كما في الميزان ١/ ٤٠٨ - لما ساق جملة من الأحاديث التي رويت بهذا الإسناد: (وبكل حال هذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم)، ولذا قال الحافظ ابن حجر في التلخيص ٢/ ١٧٩: (في إسناده جهالة)، وقال في البلوغ (ص: ١١٢): بإسناد لين، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: وفي إسناده ضعف ٣/ ٦٩، وقال الألباني في الإرواء ٣/ ٣١٠: (ضعيف). وبهذا يتبين أن أكثر أهل العلم بالحديث لا يثبت هذا الحديث، أما قول النووي: (وفي إسناده جماعة لا أعرف حالهم ولكن لم يضعفه أبو داود، وقد قدمنا أن ما لم يضعفه فهو حسن عنده المجموع ٦/ ٤٠، وكذا قول الشنقيطي (وهذا الحديث سكت عليه أبو داود رحمه الله ومعلوم من عادته أنه لا يسكت إلا عن حديث صالح للاحتجاج عنده). أضواء البيان ٢/ ١٣٧، فإنه اعتماد على إخراج أبي داود للحديث، وسكوته عنه والاعتماد على سكوت أبي داود غير مقبول عند جماعة من أهل العلم، لأنه ثبت أن أبا داود يسكت أحيانا عما في الصحيحين وعما هو شديد الضعف. قال الحافظ ابن حجر في النكت على كتاب ابن الصلاح ١/ ٤٣٩ - ٤٤٤ بعد أن ذكر أن أبا داود يخرج أحاديث جماعة من الضعفاء في الاحتجاج ويسكت عنها: (فلا ينبغي للناقد أن يقلده في السكوت على أحاديثهم، ويتابعه على الاحتجاج بهم بل طريقه أن ينظر هل لذلك الحديث متابع فيعتضد به، أو هو غريب فيتوقف فيه؟ إلى أن قال: فالصواب عدم الاعتماد على مجرد سكوته)