أفيظن المعرض عن كتاب ربه وسنة رسوله أن ينجو من ربه بآراء الرجال؟، أو يتخلص من بأس الله بكثرة البحوث والجدال، وضروب الأقيسة وتنوع الأشكال؟ أو بالإشارات والشطحات وأنواع الخيال؟ ... ولن ينال الإنسان المطالب العالية ويخلص من الخسران المبين إلا بالإقبال على القرآن وتفهمه وتدبره واستخراج كنوزه وإثارة دفائنه، وصرف العناية إليه، والعكوف بالهمة عليه، فإنه الكفيل بمصالح العباد في المعاش والمعاد، والموصل لهم إلى سبيل الرشاد، فالحقيقة والطريقة، والأذواق والمواجيد الصحيحة كلها لا تقتبس إلا من مشكاته ولا تستثمر إلا من شجراته. (١)
ح) وحذر السالك من التحاكم إلى الأذواق والمواجيد، فقال: (الذوق والحال والوجد منشأ ضلال من ضل من المفسدين لطريق القوم الصحيحة، حيث جعلوه حاكما، فتحاكموا إليه فيما يسوغ ويمتنع، وفيما هو صحيح وفاسد، وجعلوه محكا للحق والباطل، فنبذوا لذلك موجب العلم والنصوص، وحكموا فيها الأذواق والأحوال والمواجيد، فعظم الأمر وتفاقم الفساد والشر، وطمست معالم الإيمان والسلوك المستقيم، وانعكس السير، كان