إلى الله فصيروه إلى النفوس، فالناس المحجوبون عن أذواقهم يعبدون الله، وهؤلاء يعبدون نفوسهم ....
ثم إنه وقع من تحكيم الذوق من الفساد ما لا يعلمه إلا الله، فإن الأذواق مختلفة في أنفسها، كثيرة الألوان متباينة أعظم التباين، فكل طائفة لهم أذواق وأحوال ومواجيد بحسب معتقداتهم وسلوكهم ... ، وهذا سيد أهل الأذواق والمواجيد والكشوف والأحوال من هذه الأمة المحدث المكاشف عمر رضي الله عنه لا يلتفت إلى ذوقه ووجده ومخاطباته في شيء من أمور الدين حتى ينشد عنه الرجال والنساء والأعراب، فإذا أخبروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لم يلتفت إلى ذوقه ولا إلى وجده وخطابه، بل يقول:(لو لم نسمع بهذا لقضينا بغيره)، ويقول:(أيها الناس: رجل أخطأ وامرأة أصابت)، فهذا فعل الناصح لنفسه وللأمة رضي الله عنه، ليس كفعل من غش نفسه والدين والأمة.
وإذا وقع النزاع في حكم فعل من الأفعال أو حال من الأحوال أو ذوق من الأذواق، هل هو صحيح أو فاسد؟ وحق أو باطل؟ وجب الرجوع فيه إلى الحجة المقبولة عند الله وعند عباده المؤمنين، وهي: وحيه الذي تتلقى أحكام النوازل والأحوال والواردات منه، وتعرض عليه وتوزن به، فما زكاه منها وقبله ورجحه وصححه فهو المقبول، وما أبطله ورده فهو الباطل المردود. ومن لم يبن على هذا