للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكثر عبادة والتزاما بأوامر الله ونواهيه كلما ترقى في درجات القرب من الله. حيث يقول رحمه الله: "كلما تمكن العبد في منازل العبودية كانت عبوديته أعظم، والواجب عليه منها أكبر وأكثر من الواجب على من دونه. ولهذا كان الواجب على رسول الله صلى الله عليه وسلم - بل على جميع الرسل - أعظم من الواجب على أممهم، والواجب على أولي العزم أعظم من الواجب على من دونهم، والواجب على أولي العلم أعظم من الواجب على من دونهم، وكل أحد بحسب مرتبته" (١)

ويقول أيضا: "إن العبد كلما كان إلى الله أقرب كان جهاده في الله أعظم، قال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (٢). وتأمل أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنهم كانوا كلما ترقوا من القرب في مقام؛ عظم جهادهم واجتهادهم. لا كما ظنه بعض الملاحدة المنتسبين إلى الطريق، حيث قال: (القرب الحقيقي ينقل العبد من الأحوال الظاهرة إلى الأعمال الباطنة، ويريح الجسد والجوارح من كد العمل).


(١) مدارج السالكين، ج١/ص٨٧ - ٨٨.
(٢) سورة الحج الآية ٧٨