للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خطبنا في هذا اليوم من العام الأول بكى رضي الله عنه، وغلبه البكاء مرارا، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، «ما أوتي عبد بعد الإسلام خيرا من العافية، فاسألوا الله العافية (١)».

ولما حضرت أبا بكر الوفاة، قال لهم: أي يوم هذا؟ قالوا: يوم الاثنين، قال: إن مت مساء فلا تنتظروا بي إلى الصباح، فإن أفضل يوم أو ليلة عندي أن ألحق بمحمد فرضي الله عنه وأرضاه.

وهذا خليفته عمر رضي الله عنه، حينما طعن وعلم أنه قرب أجله قال لابنه: يا بني، إن أهم أمر علي أن أدفن بجوار محمد وصاحبه أبي بكر، فاذهب إلى عائشة فقل لها: يقرئك عمر السلام، ويستأذنك في أن يدفن بجوار محمد وصاحبه، فذهب عبد الله إليها، وإذا هي تبكي على عمر حزنا عليه، فقال: يقرئك عمر السلام، ويقول: أستأذن منك أن أدفن بجوار محمد وصاحبه، قالت: لقد كنت أعده لنفسي، وإني لأوثره على نفسي، فرجع عبد الله إلى عمر، فقيل: هذا عبد الله، فقال أسندوني، ما وراءك؟ قال: ما يسرك يا أمير المؤمنين، لقد أذنت أن تدفن بجوار محمد وصاحبه، قال: الحمد لله، إنه لأمر كان يهمني، ثم قال: يا عبد الله، إذا صليتم علي، فمروا بجنازتي إلى عائشة، فلعلها أن تكون قالته حياء مني، فإن أذنت لي وإلا فضعوني مع المسلمين، فلما صلوا عليه مروا به


(١) سنن الترمذي الدعوات (٣٥٥٨)، سنن ابن ماجه الدعاء (٣٨٤٩)، مسند أحمد (١/ ١١).