عليه الماء ثم شرب ثم قال: «حرمت الخمر بعينها والسكر من كل شراب (١)»
وجه الدلالة: واضح من الحديث حيث بين عليه الصلاة والسلام أن الخمر محرمة لعينها لا لإسكارها على خلاف غيرها من الأشربة المسكرة، فإنه لا يحرم منها إلا القدر المسكر، وعليه فتكون حرمة الخمر غير معللة بالإسكار بدليل إجماع العلماء على تحريم القليل منها مع أنه غير مسكر.
ورد عليهم الجمهور: بأن الحديث الذي استدلوا به لا يقوم على مدعاهم لضعفه، حيث إن في سنده محمد بن الفرات، وقد نقل عن يحيى بن معين أنه قال عنه بأنه ليس بشيء، ونقل عن البخاري أنه قال: منكر الحديث، وقال العقيلي: لا يتابع عليه، ومنه يظهر أنه لا يقوى على معارضة الأحاديث الصحيحة المتقدمة في تعليل حرمة الخمر بالإسكار. وعلى فرض أن الحديث خال من الضعف وأنه غير معارض بالأحاديث الصحيحة فلا يدل أيضا على نفي تعليل تحريمها بالإسكار بحسب الشأن وهو ما تشهد له الآية الكريمة؛ حيث علل سبحانه حرمتها بإيقاع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، والقليل لا يحدث معه شيء مما تحدثت عنه الآية ومع ذلك فإنه سبحانه سوى بين القليل والكثير في التعليل، وعليه فيترجح مذهب الجمهور لسلامة أدلتهم وقوتها.