للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العسل وكان أهل اليمن يشربونه فقال: كل شراب أسكر فهو حرام (١)»

(٤) وما روته عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل مسكر حرام وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام (٢)».

وجه الدلالة: تظهر بوضوح في تلك النصوص الصريحة؛ حيث علق عليه الصلاة والسلام التحريم على وجود الإسكار، فدل ذلك على أن العلة هي الإسكار في تلك الأشربة، والخمر شراب من الأشربة المحرمة فكانت حرمتها معللة به.

ورد على الجمهور في الأحاديث السالفة بأنه علق التحريم فيها على الإسكار في الأنبذة وهي تخالف الخمر.

وأجاب الجمهور بأن الجميع خمر كما سبق تحقيق ذلك.

أما استدلالهم بالمعقول فأورده الإمام النووي حيث قال: " إذا شرب الشخص سلافة العنب عند اعتصارها وهي حلوة لم تسكر فهي حلال بالإجماع، وإن اشتدت وأسكرت حرمت بالإجماع، فإن تخللت من غير تخليل آدمي حلت، فنظرنا إلى مستبدل هذه الأحكام وتجددها عند تجدد الصفات وتبدلها، فأشعرنا ذلك بارتباط هذه الأحكام بهذه الصفة، وقام ذلك مقام التصريح بالنطق فوجب جعل الجميع سواء في الحكم وأن الإسكار هو علة التحريم ".

وقال المارزي: " أجمعوا على أن عصير العنب قبل أن يشتد حلال على أنه إذا اشتد وغلا وقذف بالزبد حرم قليله وكثيره، ثم لو حصل له تخلل بنفسه حل بالإجماع أيضا، فوقع التطرف بتبدل هذه الأحكام عند هذه المتخذات ".

فأشعر ذلك بارتباط بعضها ببعض ودل على أن علة التحريم الإسكار، فاقتضى ذلك أن كل شراب وجد فيه الإسكار حرم تناول قليله وكثيره.

واستدل الحنفية بالسنة

ذلك بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بين الصفا والمروة أسبوعا ثم استند إلى حائط من حيطان مكة فقال هل من شربة؟ فأتي بقعب من نبيذ فذاقه فقطب ورده، فقام إليه رجل من أهل حاطب فقال يا رسول الله هذا شراب أهل مكة. قال فصب


(١) صحيح البخاري الأشربة (٥٥٨٦)، صحيح مسلم الأشربة (٢٠٠١)، سنن الترمذي الأشربة (١٨٦٣)، سنن النسائي الأشربة (٥٥٩٤)، سنن أبو داود الأشربة (٣٦٨٢)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٩٧)، موطأ مالك الأشربة (١٥٩٥)، سنن الدارمي الأشربة (٢٠٩٧).
(٢) صحيح البخاري المغازي (٤٣٤٣)، صحيح مسلم الأشربة (١٧٣٣)، سنن ابن ماجه الأشربة (٣٣٩١)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٤١٧)، سنن الدارمي الأشربة (٢٠٩٨).