للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعمله وحده دون سواه، وهذا هو التعبد، فرجع معنى توحيد الله في اللغة إلى المعنى الذي ذكرنا، وهو إفراد الله بالعبادة.

الثاني: دليل إجماع الخلق، فالخلق مجمعون على إفراد الله بالربوبية وكمال صفاته، لم يدع أحد في الخلق أبدا شركة في ذلك، بل جميع بني آدم منذ أهبط إلى الأرض حتى اليوم على إفراد الرب بالخلق وكمال الصفات، يقول ابن تيمية رحمه الله: " وقد ذكرنا أرباب المقالات ما جمعوا من مقالات الأولين والآخرين في الملل والنحل والآراء والديانات، فلم ينقلوا عن أحد إثبات شريك مشارك له في خلق جميع المخلوقات، ولا مماثل له في جميع الصفات، بل من أعظم ما نقلوا في ذلك قول الثنوية الذين يقولون بالأصلين؛ النور والظلمة، وأن النور خلق الخير والظلمة خلقت الشر، ثم ذكروا لهم في الظلمة قولين: أحدهما أنها محدثة فتكون من جملة المخلوقات له، والثاني " أنها قديمة لكنها لم تفعل إلا الشر فكانت ناقصة في ذاتها وصفاتها ومفعولاتها عن النور " (١)

وذكر نحو ذلك الرازي أيضا (٢) وهذا الإفراد في الربوبية وكمال الصفات هو الإيمان الذي أثبته الله للمشركين في قوله {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (٣)، أي: وإن أفردوا الله في ربوبيته


(١) التدمرية ١١٥/ ١١٦
(٢) التفسير الكبير ٢/ ١١٢
(٣) سورة يوسف الآية ١٠٦