للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ربوبيته سبحانه، وهضما لعظمة صفاته عز وجل، ولذلك جعل الله الشرك سوء ظن به سبحانه، إذ قال: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (١) وسوء ظن المشرك هو ما دل عليه شركه مع الله غيره في العبادة من نسبة حظ من الربوبية وكمال الصفات إلى هذا الغير (٢) وسوء الظن هذا هو الذي لأجله أخبر الله في ثلاثة مواضع من كتابه عن المشركين أنهم ما قدروا الله حق قدره.

فالتوحيد إذا أطلق فلا معنى له إلا توحيد الألوهية، وإذا قلنا " توحيد الألوهية " فهو معنى التوحيد، وتقرر هذا المفهوم ثلاثة أدلة يأخذ بعضها بحجز بعض.

الأول: دليل اللغة، فإن لفظ " التوحيد " مصدر الفعل " وحد " والواو والحاء والدال أصل في اللغة يدل على الانفراد (٣)

والتوحيد تفعيل، فمعناه الإفراد، وانفراد الله في ربوبيته وكمال صفاته ذاتي ليس بتفعيل من أحد، فهو فرد في ربوبيته وكمال صفاته لا بإفراد مفرد، فالإفراد الذي يكون من العبد لله عز وجل هو توجهه له بقصده


(١) سورة الفتح الآية ٦
(٢) انظر وجوه سوء الظن بالله في زاد المعاد ٣: ٢٨٨/ ٢٣٥، وانظر إغاثة اللهفان ١: ٦٠/ ٦١
(٣) انظر معجم مقاييس اللغة ٦/ ٩٠