للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا شريك شاركه ربوبيته أو ظاهره فيها، وإنما كان التوحيد دالا على اعتقاد الموحد انفراد الله بربوبيته وكمال صفاته لاستقرار العلم فطرة وعقلا أنه لا يستحق العبادة إلا الرب – الخالق المالك المدبر – الكامل في صفاته، فالمعبود إنما يعبد لأمرين:

١ - لكونه خالق العابدين ومالكهم ومدبر أمرهم، قال الله: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (١) فلا يكون إله إلا وقد خلق خلقا يعبدونه فيستقل بهم.

٢ - لذاته، ولا يكون ذلك إلا إذا كان كاملا لا نقص في صفاته ولا عيب، قال إبراهيم عليه السلام لأبيه: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} (٢) فبين أن العادم لصفات الكمال ناقص لا يمكن أن يكون معبودا وبين أن العلم بذلك فطري (٣) فإذا توجه العابد بعبادته لواحد أفرده بقصده وعمله لم يتوجه إلى غيره، فقد اعتقده واحدا منفردا في خلقه وملكه وتدبيره، ومنفردا في كماله ذاتا وصفاتا. ولذلك كان الشرك بالله بقصد غيره معه في العبادة تنقصا لحظ


(١) سورة المؤمنون الآية ٩١
(٢) سورة مريم الآية ٤٢
(٣) انظر درء تعارض العقل والنقل: ١٠/ ١٥٥.