وقد جاء هذا المعنى على لسان الشارع صلى الله عليه وسلم، ففي حديث معاذ بن جبل قال: «كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، فقال لي:" يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟! " قلت: الله ورسوله أعلم. قال: " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا (١)» فمن عبده فقد أدى الواجب عليه، وهذا حق الله عليه، ومن أعرض استحق العذاب لحق الله عليه. وإنما كان التوحيد حقا خالصا لله لأمرين فصل فيهما القرآن تفصيلا بينا، على ما سنذكر طرفا منه؛ وهذان الأمران هما:
١ - أنه رب المخلوقات، خلقهم وهو يملكهم، وهو الذي يدبر شؤونهم: يسير نظام الكون، ويقدر الأحوال؛ من رزق وتكاثر وحياة وممات وسائر شأنهم دقه وجله، ويبعثهم يوم القيامة للحساب والجزاء. ومن كان هذا شأنه فالحق له على خلقه أن يعظموه حبا وذلا له سبحانه، ويوحدوه بهذا التعظيم والذل، فكما أنه خلقهم وحده لا شريك له، وملكهم له وحده لا شريك له، ويدبر أمرهم وحده لا شريك له، فحقه أن يعبد وحده لا شريك له، فالتوحيد حقه على الخلق لربوبيته لهم وحده بلا وشريك.
(١) متفق عليه، البخاري مع الفتح ٦/ ٥٨ حديث رقم ٢٨٥٦، ومسلم ١/ ٥٨ حديث رقم ٤٩.