للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا بعد ذكر خلقه سبحانه الأرض والجبال والبحار والحيوانات والنباتات والليل والنهار والأفلاك، يحضهم سبحانه إلى الإذعان لهذه {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} (١) وفي هذا السؤال تقرير أن ليس لله شركاء خلقوا كخلقه فيستحقون العبادة معه، ولذلك قال: {قُلِ اللَّهُ} (٢)، أي: قله ولن تجد مخالفا لك في ذلك، وعليه فالعبادة لله، وتوحيده بها حقه على خلقه، قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} (٣) فأخبر سبحانه عن خلو المعبودين من دونه من أي أصل من الأصول الجامعة لاستحقاق العبادة، فلا يملكون شيئا من الخلق ملكا مستقلا، وليس لهم في شيء من الخلق ملك بالشركة، وليس لهم إعانة للخالق في الخلق والتدبير، وليس لهم على الخالق جاه يدلون به إليه بذواتهم أو مكانتهم، فتكون لهم عنده كلمة مطاعة وإن لم يأذن أو لم يرض، فحسم مادة الشرك من أصلها، وأقام أساس استحقاقه للعبادة


(١) سورة الرعد الآية ١٦
(٢) سورة الرعد الآية ١٦
(٣) سورة سبأ الآية ٢٢