للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدلالة ثابتة الحجة قوية البرهان في بيان سهل مقنع (١) وأخذ ذلك عنه تلميذه ابن القيم فذكره في شيء من التهذيب وجعلها عشرة أوجه (٢)

ونذكر خلاصة لذلك لا تغني كثيرا عن الوقوف على أصلها في كلام الشيخين رحمهما الله فنقول: كل مخلوق سوى الله فقير محتاج إلى جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ولا يتم ذلك إلا بمعرفته بما ينفعه والوسيلة إلى حصوله، ومعرفته بما يضره والوسيلة إلى دفعه. فهذه أربعة أمور ضرورية للعبد لا يقوم وجوده وصلاحه إلا بها: أمر مطلوب ينتفع به ووسيلة تدله عليه وتدفعه إليه، وأمر مكروه يضره، ووسيلة تدله عليه وتدفعه عنه، وإرادة العبد وحركته متعلقة بهذه الأمور لتعلق وجوده وصلاحه بها، وهو يتوجه بحبه ورجائه وخوفه إلى مصادرها، فهو يحب جلب المنفعة، ويرجو المعين على حصولها، ويخاف منعه منها، ويحب دفع المضرة، ويرجو المعين على دفعها، ويخاف إيقاعها به، وهو يتوجه إلى مصادرها بلوازم المحبة والرجاء والخوف، فيحب ويؤدي لوازم المحبة، ويرجو ويؤدي لوازم الرجاء، ويخاف ويؤدي لوازم الخوف.

وإذا كان ذلك كذلك فقد تبين أن توحيد الله وإخلاص الوجه والعمل له عبادة واستعانة هو المحقق لحاجة الخلق وضرورتهم، لأن الله هو الجامع لهذه الأمور الأربعة كلها، فهو خالق ما ينفع العبد وموجده، وهو الذي يهديه


(١) انظر في الفتاوى ١/ ٢٠ - ٣٦
(٢) انظر في إغاثة اللهفان ص ٤٠ - ٦٣.