إليه ويقدر له جلبه والحصول عليه أو منعه، وهو موجد ما يضره، وهو الذي يهديه إلى العلم به ويقدر له دفعه أو وقوعه، فإذا نظرت إلى هذا علمت أن الله هو المستحق للتوجه إليه بالحب والخوف والرجاء يطلب وجهه ويرجى رضاه ويخاف سخطه، وإذا ضممت إلى هذا النظر في أن الله هو خالق العبد أولا قبل النظر في أنه خالق نفعه وضره، علمت أن العبد مفتقر إلى الله لذاته لا لأمر آخر جعله مفتقرا إليه، بل فقره لازم له لا يمكن أن يكون غير مفتقر إليه، كما أن غناء الرب وصف لازم له لا يمكن أن يكون غير غني، فهو غني بنفسه لا بوصف جعله غنيا، وفقر العبد إلى الخالق وصف له لازم في حال عدمه ووجوده، ففي حال عدمه فهو مفتقر إلى الخالق فلا يوجد إلا به سبحانه، وما دام ذلك كذلك فالله هو الذي يجب أن يكون المطلوب المقصود لذاته، ووجهه وقربه ورضاه هو المطلوب المحبوب، وعبادته هي المعينة لحصول ذلك، وعبودية ما سواه والالتفات إليه والتعلق به هو المكروه الضار، وعبادة الله هي المعينة على دفع هذا الضار المكروه، وعبادته سبحانه هو الذي يعين عليها بدلالتي التوفيق والإرشاد، ولهذا كان صلاح العبد وسعادته في تحقيق معنى قوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(١) فإن العبودية تتضمن المقصود المطلوب لكن على أكمل الوجوه والمستعان هو الذي يستعان به على المطلوب.
ولكن الخلق إذا فسدت فطرهم يجتالهم عن إخلاص العبادة لله إلى صرفها أو شيء منها لسواه ما يباشرونه من نفع يحصلونه من السوى أو