ضر يندفع عنهم بالسوى، فيلتفتون إلى ما يباشرونه عن خالق النفع والضر وخالق أسباب حصولها أو اندفاعها ومقدر ذلك سبحانه. وعندئذ ينبغي على العبد أن ينتبه عند طلب حصول النفع أو الضر إلى أمور:
أولها: أن الله هو الذي يعلم ما يصلح العبد وما يضره {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}(١) هو أعلم بذلك من علم العبد لنفسه، ولا يعلم مخلوق ذلك إلا على سبيل الظن، وهو قبل ذلك لا يعلم مصلحتك حتى يعرفه الله إياها، ولا يقدر على تحصيلها لك حتى يقدره الله تعالى عليها، ولا يريد ذلك حتى يخلق الله فيه إرادة ومشيئة فعاد الأمر كله لله سبحانه.
الثاني: أن الله هو النافع الضار والمخلوق ليس عنده نفع ولا ضر، ولا عطاء ولا منع، ولا عز ولا ذل، بل الله وحده هو الذي له ملك ذلك، وإذا وقع من المخلوق من نفع أو ضر فبإذن الله وخلقه.
الثالث: أنه ليس هناك جهة تطمئن النفس بالتوجه إليها وتسكن إلا الله عز وجل الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، يده سحاء الليل والنهار الصمد السيد سبحانه، والمخلوق لا يدوم نفعه فهو في ذاته إلى عدم، وينفع في حال دون حال، وهو لا يقدر على النفع دائما ولا يقدر على كل نفع، يأتي منه نفع في شيء ويعجز عن آخر، أما الله فلا بد للعبد منه في كل حال وفي