للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعظمهم عبودية لله، أما المخلوق فكما قيل: احتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأحسن إلى من شئت تكن أميره. " فالرب سبحانه: أكرم ما تكون عليه أحوج ما تكون إليه، وأفقر ما تكون إليه، والخلق أهون ما يكون عليهم أحوج ما يكون إليهم، لأنهم كلهم محتاجون في أنفسهم فهم لا يعلمون حوائجك، ولا يهتدون إلى مصلحتك، بل هم جهلة لمصالح أنفسهم، فكيف يهتدون إلى مصلحة غيرهم؟! فإنهم لا يقدرون عليها ولا يريدون من جهة أنفسهم فلا علم ولا قدرة ولا إرادة، والرب يعلم مصالحك ويقدر عليها ويريدها رحمة منه وفضلا وذلك صفته من جهة نفسه لا شيء آخر جعله مريدا راحما، بل رحمته من لوازم نفسه فإنه كتب على نفسه الرحمة، ورحمته وسعت كل شيء، والخلق كلهم محتاجون لا يفعلون شيئا إلا لحاجتهم ومصلحتهم، وهذا هو الواجب عليهم والحكمة، ولا ينبغي لهم ذلك، لكن السعيد منهم الذي يعمل لمصلحة التي هي مصلحة لا لما يظنه مصلحته وليس كذلك " (١) ومصلحته التي هي مصلحته هي التوحيد وإخلاص الوجه لله، فعليه أن يهتم به علما وعملا أعظم الاهتمام.


(١) الفتاوى ١/ ٣٩ – ٤٠.