للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاهتداء كأحسن ما يكون التصوير الحديث المتقدم ذكره في هذا البحث: «لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها (١)»، والاهتداء لهم في الآخرة يهديهم الله إلى غرفاتهم في الجنة وإلى ما أعده لهم فيها من صنوف النعيم، وأمن الأفراد أمن الجماعة إذ بصلاح الأفراد يصلح المجموع. ومقصود هذا المطلب بيان حاجة جماعة المسلمين إلى التوحيد لأنهم أحوج ما يكونون اليوم إلى الأمن، أن تأمن جماعتهم مما هو حال بهم من الضعف والعجز عن مقاومة العدو وتسلط الكفار عليهم بالقتل والجراح واحتلال ديارهم والتسلط على بعض مقدساتهم وإلحاق أنواع الإيذاء بهم، هذا حل بهم من خارجهم وهم أيضا أحوج ما يكونون إلى أن تأمن جماعتهم من الاختلاف والفرقة والتنافر والتباغض الواقع بينهم، وهذا حل بهم من داخلهم، والأمن من هذه المشكلات العامة لا يكون إلا بالتسليم لله بتوحيد خالص لا ظلم يتلبس به فبهذا يأمنون من تسلط العدو ويدرؤون تعديه عليهم لأنهم به ينالون ولاية الله، وقد قال سبحانه كما في الحديث القدسي المتقدم ذكره في هذا البحث: «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب (٢)»، وقد وعد سبحانه من صبر لطاعته واتقاه بتوحيده ألا يضره كيد أعدائه وإن عظم فقال: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (٣)


(١) صحيح البخاري الرقاق (٦٥٠٢).
(٢) صحيح البخاري الرقاق (٦٥٠٢).
(٣) سورة آل عمران الآية ١٢٠