للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقبائل في هذه البيوت (١) وكان من شأن هذا أن يوجد بين دول العالم من الأمن والتعاون والتحاب ما يكون بين أهل القرية الواحدة الصغيرة، ولكن الواقع بخلاف ذلك، فالضغائن وتوجس الدول بعضها من بعض دفع إلى تنافس لاهث بينها إلى حيازة الأسلحة القاتلة الفتاكة والتسابق إلى اختراع السلاح الأقوى تدميرا والأعلى فعالية والأسرع فتكا، وأصبح الأمن هاجسا صعب المنال، ليس ثمة طمأنينة ولا سكون بل حذر وترقب، اليد على الزناد، والنظر شاخص يمنة وشمالا، والكل يستعد لحرب عامة تدمر في أيام بل ساعات، هذا حال الدول والجماعات، أما الأفراد فالحال ذات الحال، فإن المخترعات التي تيسرت للفرد لم تبث في نفسه أمنا ولم تلبس قلبه سعادة بل أغرته بالإسراف في الرذائل والجرأة على الجرائم والافتتان بالشهوات حتى ألف قطع الوشائج الإنسانية ونقض المواثيق الروحية، فغرق في القلق والفراغ الروحي حتى وجد الأمن في أن ينتحر، وكم نقلت الأخبار عن نسب عالية مطردة في ارتفاعها لعدد المنتحرين في نواحي العالم. ولا علاج لهذا الواقع المرير إلا بالتوحيد الذي أخبر الله سبحانه أنه علق الأمن والاهتداء عليه وبه – كما تقدم بيانه في المطلب السابق – ولو أن العالم عرف هذه الحقيقة واتضحت له بينة جلية بلا شبهة لاتخذ


(١) انظر الوحي المحمدي ١٩.