ابتلاء صبر العباد وشكرهم في الخير والشر، والسراء والضراء، فالابتلاء من النعم من الغنى والعافية والجاه والقدرة، وهي أعظم الابتلاءين، والصبر على طاعة الله أشق الصبرين، كما قال الصحابة رضي الله عنهم: ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر، فالرب تعالى يبتلي بنعمه وينعم بابتلائه، غير أن الصبر والشكر حالتان لازمتان للعبد في أمر الرب ونهيه وقضائه وقدره لا يستغنى عنهما طرفة عين، والسؤال عن أيهما أفضل كالسؤال عن الحس والحركة أيهما أفضل، وعن الطعام والشراب أيهما أفضل، وعن خوف العبد ورجائه أيهما أفضل، فالمأمور لا يؤدى إلا بصبر وشكر، والمحظور لا يترك إلا بصر وشكر، وأما المقدور الذي يقدر على العبد من البلاء فمتى صبر عليه اندرج شكره في صبره كما يندرج صبر الشاكر في شكره، ومما يوضح هذا أن الله سبحانه امتحن العبد بنفسه وهواه وأوجب عليه جهادهما في الله في كل وقت حتى تأتي - أي نفسه - بالشكر المأمور به ويصبر عن الهوى المنهي فلا ينفك العبد عنهما غنيا كان أو فقيرا معافى أو مبتلى وهذه هي مسألة الغني الشاكر والفقير الصابر. (١)