للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكثير من الناس يكون متسخطا فلا يرضى بنعمة، ولا يصبر على بلاء ولا يؤدي حق النعمة التي هو فيها بل قد يستخدمها بما حرم الله تعالى ويجحد النعم بإخفائها خوفا من العين، وقد أمر بالتحدث بها، قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (١) وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده (٢)» وذكر الإمام ابن القيم أن الله إذا سلب العبد النعمة ظل متسخطا على ربه، شاكيا لربه لا يصلح له على عافية ولا على ابتلاء. العافية تلقيه إلى مساخطه والبلاء يدفعه إلى كفرانه وجحود نعمته وشكايته إلى خلقه ومع هذا فلم يؤيسه – سبحانه – من رحمته بل قال في الحديث القدسي: «متى جئتني قبلتك، إن أتيتني ليلا قبلتك، وإن أتيتني نهارا قبلتك، وإن تقربت مني شبرا تقربت منك ذراعا، وإن تقربت مني ذراعا تقربت منك باعا، ولو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا أتيتك بقرابها مغفرة ولو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك (٣)» وقد أثنى الله عز وجل على عبده نوح بكثرة الشكر فقال: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} (٤) ابن عباس رضي الله عنه عن الشكور الذي يشكر


(١) سورة الضحى الآية ١١
(٢) أخرجه الترمذي: ٥/ ١٢٣، وقال: حديث حسن. وأحمد: ٢/ ٣١١، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
(٣) أخرجه مسلم بنحوه ج ٤ ص ٢٠٦٨، وانظر مدارج السالكين ابن القيم ١/ ١٩٤.
(٤) سورة الإسراء الآية ٣